اسمهان خالف،
المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، الجزائر
تحاول هذه الورقة البحثية الكشف عن كيفية تأثير السياسة اللغوية على شعور المتكلمين بالأمن/اللاأمن اللغوي، أي عن تأثير السياسة اللغوية على سيكولوجيا المتكلمين لا سيما باستخدام الإيديولوجيات اللغوية. فإذا نظرنا إلى ظاهرة الأمن واللاأمن اللغويين بوصفها شعورا ينعكس على الممارسات اللغوية، فإن هذا لا ينفي وجود عوامل خارجية مؤثرة على تبلور وإذكاء هذا الشعور. وفي هذا الصدد، يعد اللسانيون الاجتماعيون النقديون من الذين ركزوا على علاقة العوامل الاجتماعية، التاريخية، السياسية، وغيرها من المؤثرات الخارجية على الشعور بالأمن/اللأمن اللغوي. وعلى اعتبار السياسات اللغوية تدخلا إنسانيا هادفا على الممارسات اللغوية وبالتالي على السلوك اللغوي للمتكلمين، فإنهم يعتبرونها عاملا مؤثرا واضحا في بروز الظاهرة. وهذا التأثير يتم بفعل متغير وسيط متمثل في الإيديولوجيا اللغوية التي تهتم بشكل أساسي بالتأثير على تصور المتكلمين حول ممارساتهم اللغوية وحول اللغة المعيار التي ينبغي اكتسابها، بل وبتحويل هذا التصور إلى مسلمة ثابتة مستقلة عن السياقات السياسية، التاريخية، الاجتماعية والعقيدية، أي تحويلها إلى فهم شائع يصعب انتقاده أو تغييره على المدى القريب والمتوسط بحيث يترسخ لدى المتكلمين أن اللغة تحوي في ذاتها بذور رقيها أو وضاعتها. وبالتالي، شعور المتكلمين بالأمن/اللاأمن اللغوي لا يتعلق بإتقانهم للغة ولا بكون اللغة التي يتقنونها لغة “راقية” أو “وضيعة” لذاتها ومن ذاتها، وإنما من التصور الذي يملكونه حول هذه اللغات وحول ممارساتهم. تصورٌ ناتج بشكل كبير عن تأثير الإيديولوجيات اللغوية المختلفة ومنها الإيديولوجيا اللغوية الرسمية التي تستخدمها السياسة اللغوية الرسمية لتبرير خياراتها في المجال اللغوي، وللتأثير على الممارسات اللغوية اليومية في المجالات التي لا يمكن لها أن تتدخل فيها بطريقة مباشرة.
الملخص أعلاه جزء من المقالة التي تم قبولها في المؤتمر الدولي الثالث حول القضايا الراهنة للغات، اللهجات و علم اللغة، 31 يناير و 1 فبرایر2019، الأهواز، (WWW.LLLD.IR).