حسان العقاش،
قسم اللّغة العربيّة، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة صفاقس، تونس
إنّ تناول قضيّة الشّفاهيّة وتبعا لها الكتابيّة في الثّقافة العربيّة هو من باب أنّهما أمسيا مدخلا هاّما للدّراسات اللّسانيّة والأدبيّة في العصر الحديث. وذلك مزاوجة بين ما هو لسانيّ وما هو أدبيّ، أو بالأحرى تطبيقا لبعض منطلقات اللّسانيّات الحديثة على بعض المدوّنات العربيّة ذات الأصول الشّفهيّة على غرار الخطب الجاهليّة والأمويّة والوصايا وغيرهما. فعليه، فنحن نريد في هذا البحث تقصّي آثار الشّفاهيّة في الثّقافة العربيّة القديمة وكيف انتقلت من طور المشافهة إلى طور التدوينن؟ وتبيّن آثار هذه النقلة فيها، بالإضافة إلى تلمّس الرّوافد الاِيبستيميّة العميقة التي أعانتها على هذه النقلة الفارقة. فلا جرم أنّ التّعرّض لهذه القضيّة لممّا يجعلنا نستشعر أهمّيّة الشّفاهيّة في الحضارة العربيّة التي طغا عليها كمثيلاتها من الأمم في حقبة ما تدوين المعارف والعلوم، واعتمدت منذ قرون متطاولة على الكتابة وسيلة مثلى للتعليم متناسية فضل المشافهة التي كانت المعين الثرّ لفجر المعرفة البشريّة ومن رحمها اِنبثقت العلوم والتّجارب وتشكّلت الحضارات الإنسانيّة على اِختلاف مشاربها وتنوّعها. وقد كان للعرب نصيب لا بأس به من الثّقافة الشّفهيّة جعلها لا تتنكّب ركب الأمم ذات الأعراق الشّفاهيّة وحظّ محمود أيضا من الثّقافة الكتابيّة حين اِنغمست عن قصد أو غير قصد في التفاعل الحضاري الذي نهض على تدوين المعارف والاجتهاد في التصنيف والتّأليف فأتت من الكتب والدّواوين بما جعلها تتصدّر المشهد الثّقافيّ العالميّ لقرون كثيرة. غير أنّ الغرب هو أوّل من تنبّه لأهمّية الشّفاهيّة في العصر الحديث فعاد على أعقابه يقصّ آثارها ويدعو إلى اِعتمادها من جديد معيارا للعلوم والأبحاث وإيلائها مكانتها التي سلبتها إيّاها شقيقتها الكتابيّة عن طريق إقامة المنتديات العالميّة والنّدوات الدّوليّة حول الشّفاهيّة وأهمّيّتها من أجل إقامة نظريّة ذات أسس متينة.
الكلمات المفتاحية: الشّفاهيّة، الكتابيّة، المشافهة، التدوين، النّظريّة الشّفهيّة المعاصرة.
الملخص أعلاه جزء من المقالة التي تم قبولها في المؤتمر الدولي الثامن حول القضايا الراهنة للغات، علم اللغة، الترجمة و الأدب (WWW.LLLD.IR) ، 14-15 فبرایر 2023 ، الأهواز.